فصل: سنة ست وثلاثين وأربعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة ست وثلاثين وأربعمائة:

فيها دخل السلطان أبو كاليجار بغداد، وضرب له الطبل في أوقات الصلوات الخمس، ولم يضرب لأحد قبله إلا ثلاث مرات.
وفيها توفي تمام بن غالب، أبو غالب بن التيَّاني القرطبي، لغويّ الأندلس بمرسية. له مصنف بديع في اللغة، وكان علامة ثقة في نقله، ولقد أرسل إليه صاحب مرسية، الأمير أبو الجيش مجاهد، ألف دينار، على أن يزيد في خطبة هذا الكتاب، أنه ألفه لأجله، فامتنع تورعاً، وقال: ما صنفته إلا مطلقاً.
وأبو عبد الله الصميري، الحسن بن علي الفقيه، أحد أئمة الحنفية ببغداد. روى عن أبي الفض الزهري وطبقته، وولي قضاء ربع الكرخ، وكان ثقة صاحب حديث، مات في شوال، وله خمس وثمانون سنة.
والشريف المرتضى، نقيب الطالبين، وشيخ الشيعة ورئيسهم بالعراق، أبو طالب علي بن الحسين بن موسى الحسيني الموسوي، وله إحدى وثمانون سنة، وكان إماماً في التشيع والكلام والشعر والبلاغة، كثير التصانيف، متبحراً في فنون العلم، أخذ عن الشيخ المفيد، وروى الحديث عن سهل الديباجي الكذاب،وولي النقابة بعده ابن أخيه عدنان بن الشريف الرضي.
ومحمد بن عبد العزيز، أبو عبد الرحمن النِّيلي، شيخ الشافعية بخراسان وله ثمانون سنة، كان صالحاً ورعاً، كبير القدر. روى عن أبي عمرو بن حمدان وجماعة؟ وله ديوان شعر.
وأبو الحسين البصري، محمد بن علي بن الطيّب، شيخ المعتزلة، وصاحب التصانيف الكلامية، وكان من أذكياء زمانه، توفي ببغداد، في ربيع الآخر، وكان يقرئ الاعتزال ببغداد، وله حلقة كبيرة.

.سنة سبع وثلاثين وأربعمئة:

فيها توفي أبو نصر المنازي، وزير أحمد بن مروان، صاحب ميافارقين، وهو من منازجرد، واسمه أحمد بن يوسف، وكان فصيحاً بليغاً شاعراً، كثير المعارف.
ومكي بن أبي طالب: أبو محمد القيسي، شيخ الأندلس وعالما ومقرئها وخطيبها. قرأ القراءات على ابن غلبون وابنه، وسمع من أبي محمد بن أبي زيد، وطائفة. وكان من أهل التبحر في العلوم، كثير الت صانيف، عاش اثنتين وثمانين سنة. رحل عن بلده غير مرة، وحج وجاور، توسع في الرواية، وبعد صيته، وقصده الناس من النواحي لعلمه ودينه، وولي خطابة قرطبة لأبي الحزم جهور، وكان مشهوراً بالصلاح، وإجابة الدعوة، توفي في ثاني المحرم.

.سنة ثمان وثلاثين وأربعمئة:

فيها حاصر طغرلبك السَّلجوفي أصبهن، وضيّق على أهلها، وعلى أميرها فراموز، ولد علاء الدولة، صم صالحه على مال يحمله، وأن يخطب له بأصبهان.
وفيها توفي أبو علي البغدادي، مصنّف الروضة في القراءات العشر، الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي.
وأبو محمد الجويني، عبد الله بن يوسف، شيخ الشافعية، والد إمام الحرمين، تفقه بنيسابور، على أبي الطيّب الصعلوكي، وبمرو على أبي بكر القفال، وتصدّر بنيسابور للفتوى والتدريس والتصنيف، وكان مجتهداً في العبادة، صاحب جدّ وصدق وهيبة ووقار. روى عن أبي نعيم عبد الملك بن محمد الأسفراييني وجماعة. وتوفي في ذي القعدة.

.سنة تسع وثلاثين وأربعمئة:

فيها توفي أبو محمد الخلال، الحسن بن محمد بن الحسن البغدادي الحافظ، في جمادى الأولى، وله سبع وثمانون سنة. روى عن القطيعي وأبي سعيد الحرقي وطبقتهما.
قال الخطيب: كان ثقة، له معرفة، خرّج المسند على الصحيحين، وجمع أبواباً وتراجم كثيرة.
قلت: آخر من روى عنه، أبو سعد أحمد بن الطُّيوري.
وعلي بن منير بن أحمد الخلال، أبو الحسن المصري الشاهد، في ذي القعدة، روى عن أبي الطار الذهلي، وأبي أحمد بن الناصح.
والنذير الواعظ، وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد الشيرازي. روى عن إسماعيل بن حاجب الكشاني، وجماعة، ووعظ ببغداد، فازدحموا عليه، وشغفوا به، ورزق قبولاً لم يرزقه أحد، وصار يظهر الزهد، ثم إنه تنعّم وقبل الصلات، من الأقطار، واستجمع له جيش من المطوِّعة، فعسكر بظاهر بغداد، وضرب له الطبل، وسار بهم إلى الموصل، واستفحل أمره، فصار إلى أذربيجان، وضاهى أمير تلك الناحية، ثم خمد سوقه، وتراجع عامّة أصحابه، ثم مات.
ومحمد بن عبد الله بن عابد، أبو عبد الله المعافري، حدّث قرطبة.
روى عن أبي عبد الله بن مفرج وطبقته، ورحل، فسمع من أبي محمد بن أبي زيد، وأبي بكر بن المهندس، وطائفة. وكان ثقة عالماً جيّد المشاركة في الفضائ، توفي في جمادى الأولى، عن بضع وثمانين سنة، وهو آخر من حدّث عن الأصيلي.

.سنة أربعين وأربعمئة:

فيها مات السلطان أبو كاليجار مرزبان بن سلطان الدولة بن بهاء الدولة البويهي الديلمي، مات بطريق كرمان، فصدوه في يوم ثلاث مرّات، وكان معه نحو أربعة آلاف من الترك والديلم، فنهبت خزائنه وحريمه وجواريه، وطلبوا شيراز، فلسطنوا ابنه الملك الرحيم أبا نصر، وكان مدة سلطنة أبي كاليجار أربع سنين، وكان مولده بالبصرة، سنة تسع وتسعين وثلاثمئة، سامحه الله.
وفيها أقدم المعز بن باديس بالمغرب، الدعوة للقائم بالله العباسي، وخلع طاعة المستنصر العبيدي، فبعث المستنصر جيشاً من العرب يحاربونه، فذلك أول أول دخول العربان إلى إفريقية، وهم بنو رياح، وبنو زغبة، وتمت لهم أمور يطول شرحها.
وفيها قدم خراسان خلائق من الترك الغزّ، فسار بهم الملك ينال، فدخل الروم، فقتل وسبى وغنم وسار حتى قارب القسطنطينية، وحصل لهم من السبي، فوق المائة ألف نفس، والتقى الروم وهزمهم غير مرة، وكسروه أيضاً، ثم ثبت المسلمون، ونزل النصر، وقيل إنهم جرُّوا الغنائم على عشرة آلاف عجلة، فلله الحمد.
وفيها توفي الحكيمي، أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن نصر المصري الورّاق، يوم الأضحى، وله إحدى وثمانون سنة. روى عن أبي الطاهر الذهلي وغيره.
والحسن بن عيسى بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد، الأمير أبو محمد العباسي. روى عن مؤدِّبه أحمد اليشكري، وكان رئيساً ديِّناً حافظاً لأخبار الخلفاء، توفي في شعبان، وله نيِّف وتسعون سنة.
وأبو القاسم عبيد الله بن أبي حفص، عمر بن شاهين. روى عن أبيه، وأبي بحر البربهاري، والقطيعي، وكان صدوقاً عالي الإسناد، توفي في ربيع الأول.
وعلي بن ربيعة، أبو الحسن التميمي المصري البزاز، راوية الحسن ابن رشيق، توفي في صفر.
وأبو ذرّ، محمد بن إبراهيم بن علي الصالحاني الأصبهاني الواعظ. روى عن أبي الشيخ، ومات في ربيع الأول.
وأبو عبد الله الكارزيني، محمد بن الحسين الفارسي المقرئ، نزيل الحرم، ومسند القراء، توفي فيها أو بعدها، وقد قرأ القرءات على المطوِّعي، قرأ عليه جماعة كثيرة، وكان من أبناء التسعين، وما علمت فيه جرحاً.
وابن ريذة مسند أصبهان، أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الأصبهاني التاجر، راوية أبي القاسم الطّبراني، توفي في رمضان، وله أربع وتسعون سنة. قال يحيى بن مندة: كان ثقة أميناً، كان أحد وجوه الناس، وافر العقل، كامل الفضل، مكرماً لأهل العلم، حسن الخط، يعرف طرفاً من النحو واللغة.
وابن غيلان، مسند العراق، أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان الهمداني البغدادي البزاز، سمع من أبي بكر الشافعي، أحد عشر جزءاً، وتعرف بالغيلانيّات، لتفرده بهها. قال الخطيب: كان صدوقاً صالحاً ديّناً.
قلت: مات في شوال، وله أربع وتسعون سنة.
وأبو منصور السّوّاق، محمد بن محمد بن عثمان البغدادي البندار، وثّقه الخطيب، ومات في آخر العام، عن ثمانين سنة. روى عن القطيعي ومخلد بن جعفر.

.سنة إحدى وأربعين وأربعمئة:

فيها أمرت الرافضة ببغداد، أن لا يعملوا مأتم عاشوراء، فخالفوا، فثارت غوغاء السنُّة، وحميت الفتنة، وجرى مالا يعبّر عنه، وقتل جماعة، وجرح خلق، فاهتم أهل الكرخ، وعلموا عليهم سوراً منيعاً، غرموا عليه أموالاً عظيمة، وكذا فعل أهل نهر القلائين، وصار مع كل فرقة طائفة من الأتراك على نحلتهم، تشدّ منهم، وتمّت لهم فتنة هائلة، يوم عيد الفطر.
وفيها توفي أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر التميمي الدمشقي، أبو علي المعدَّل، أحد الأكابر بدمشق. روى عن يوسف الميانجي وجماعة.
والعتيقي، أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي التاجر السفّار المحدِّث. روى عن علي بن محمد بن سعيد الرزاز، وإسحاق بن سعد النسوي وطبقتهما، وجمع وخرّج على الصحيحين، وكان ثقة فهماً، توفي في صفر.
وأحمد بن المظفر بن أحمد بن يزداد الواسطي العطار، أبو الحسن. را وي مسند مسدَّد، عن ابن السقا، توفي في شعبان.
وأبو القاسم الأفليلي- وأفليل قرية بالشام- ثم القرطبي، إبراهيم ابن محمد بن زكريا الزهري الوقّاصي، توفي في ذي القعدة بقرطبة، وله تسع وثمانون سنة. روى عن أبي عيسى اللّيثي، وأبي بكر الزبيدي وطائفة، ووليّ الوزارة لبعض أمراء الأندلس. وكان رأساً في اللغة والشعر، أخبارياً علامة.
وابن سختام، الفقيه أبو الحسن علي بن إبراهيم بن نصرويه بن سختام بن هرثمة الغزني السمرقندي الحنفي المفتي، رحل إلى الحج، وحدَّث ببغداد ودومشق عن أبيه، ومحمد بن أحمد بن متّ الإشتيخني، وجماعة، وحدَّث في هذا العام، وتوفي فيه أو بعده، في عشر الثمانين.
وابن حمُّصة، أبو الحسن علي بن عمر الحرّاني ثم المصري الصواف، عنده مجلس واحد عن حمزة الكتَّاني، يعرف بمجلس البطاقة، توفي في رجب.
وقراوش بن مقلَّد بن المسيَّب، الأمير أبو المنيع، معتمد الدولة العقيلي صاحب الموصل، وابن صاحبها، وكانت دولته خمسين سنة، وكان أديباً شاعراً ممدّحاً فارساً نهاباً وهاباً، على دين الأعراف وجاهليتهم، يقال إنه جمع بين أختين فلاموه، فقال: وأيّ شيء نستعمل من الشرع، حتى تتكلموا في هذا. وقال مرة: ما في رقبتي غير دم خمسة أو ستة من العرب، فأما الحضر، فلا يعبأ الله بهم؛ وثب على قرواش ابن أخيه بركة، وقبض عليه وسجنه في هذه السنة، وتملك. فمات في سنة ثلاث، فملك بعده أبو المعالي قريش ابن بدران، ابن مقلَّد بن المسيّب فذبح قرواش بن مقلَّد صبراً، وقيل بن مات في سجنه.
وأبو الفضل السعدي، محمد بن أحمد بن عيسى البغدادي، الفقيه الشافعي، تلميذ أبي حامد الإسفراييني، وراوي معجم الصحابة،للبغوي عن ابن بطّة، توفي في شعبان، وقد روى عن جماعة كثير ة بالعراق والشام ومصر.
وأبو عبد الله الصوُّري، محمد بن علي الحافظ، أحد أركان الحديث، توفي ببغداد، في جمادى الآخرة، وقد نيّف على الستين. روى عن ابن جميع، والحافظ عبد الغ ني المصري، ولزمه مدة، وأكثر عن المصريين والشاميين، ثم رحل إلى بغداد، ولقي بها ابن مخلد، صاحب الصفّار، وهذه الطبقة.
قال الخطيب: كان من أحرص الناس على الحديث، وأكثرهم كتباً، وأحسنهم معرفة به، لم يقدم علينا أفهم منه، وكان دقيق الخط، يكتب ثمانين سطراً في ثمن الكاغد الخراساني، وكان يسرد الصوم. وقال أبو الوليد الباجي: هو أحفظ من رأيناه. وقال أبو الحسين بن الطيوري: ما رأيت أحفظ من الصوري. وكان بفرد عين، وكان متفنناً، يعرف من كل علم، وقوله حجَّة، وعنه أخذ الخطيب علم الحديث.
قلت: وله شعر فائق.
والسلطان مودود، صاحب غزنة ابن السلطان مسعود بن محمود ابن سبكتكين، وكانت دولته عشر سنين، ومات في رجب، وله تسع وعشرون سنة، وأقاموا بعده ولده وهو صبي صغير، ثم خلعوه.

.سنة اثنتين وأربعين وأربعمئة:

فيها عيّن ابن النسوي لشرطة بغداد، فاتفقت الكلمة في السنَّة والشّيعة، أنه متى ولي، نزحوا عن البلد، ووقع الصلح بهذا السبب بين الفريقين، وصار أهل الكرخ يترحمون على الصحابة، وصلّوا في مساجد السنّة،
وخرجوا كلهم إلى زيارة المشاهد، وتحابّوا وتوادّوا، وهذا شيء لم يعهد من دهرٍ.
وفيها توفي أبو الحسين التوَّزي، أحمد بن علي البغدادي المحتسب.
روى عن علي بن للؤل وطبقته، وكان ثقة صاحب حديث.
والملك العزيز، أبو منصور بن الملك جلال الدولة، بن بويه، توفي بظاهر ميّافارقين، وكانت مدته سنتين، وكان أديباً فاضلاً له شعر حسن.
وأبو الحسن بن القزويني، عل بن عمر الحربي، الزاهد القدوة، شيخ العراق. روى عن أبي عمر بن جيّويه وطبقته. قال الخطيب: كان أحد الزهاد، ومن عباد الله الصالحين، يقرئ ويحدّث، ولا يخرج إلاّ لصلاةٍ، وعاش اثنتين وثمانين سنة، توفي في شعبان، وغلقت جميع بغداد يوم دفنه، ولم أر جمعاً أعظم من ذلك الجمع، رحمه الله تعالى.
وأبو القاسم الثمانيني الموصلي الضرير النحويّ، أحد أئمة العربية بالعراق، أخذ عن ابن جنِّي، وتصدّر للإفادة، وصنّف شرحاً للُّمع وكتاب في النحو وشرحاً للتصريف الملوكي، واسمه: عمر بن ثابت.
ومحمد بن عبد الواحد بن زوج الحرّة، أبو الحسن، أخو أبي يعلى، وأبي عبد الله، وكان أوسط الثلاثة. روى عن علي بن لؤلؤ وطائفة.
وأبو طاهر بن العلاف، محمد بن علي بن محمد البغدادي الواعظ. روى عن القطيعي، وجماعة. وكان نبيلاً وقواً له حلقة للعلم بجامع المنصور.

.سنة ثلاث وأربعين وأربعمئة:

فيها في صفر، زال الأنس بين السنّة والشّيعة، وعادوا إلى أشدّ ما كانوا عليه، وأحكم الرافضة سوق الكرخ، وكتبوا على الأبراج: محمد وعليّ خير البشر، فمن رضي فقد شكر، ومن أبى فقد كفر، فاضطرمت نار الفتنة، وأخذت ثياب الناس في الطرق، وغلِّقت الأسواق، واجتمع للسنّة جمع لم ير مثله، وهجموا على دار الخلافة، فوعدوا بالخير، فثار أهل الكرخ، والتقى الجمعان، وقتل جماعة، ونهب باب التبن ونبشت عدّة قبور للشّيعة وأحرقوا، مثل العوني والناشي والجذوعي، وطرحوا النيران في التُّرب، وتمَّ على الرافضة خزي عظيم، فعمدوا إلى خان الحنفية فأحرقوه، وقتلوا مدرّسهم أبا سعد السرخسيّ، رحمه الله. وقال الوزير: إن وأخذنا الكّل خرب البلد.
وفيها أخذ طغرلبك أصبهان، بعد حصار سنة، فجعلها دار ملكه، ونقل خزائنه من الريِّ إليها.
وفيها هجمت الغزّ على الأهواز، وقتلوا ونهبوا، وعلموا كل قبيح.
وفيها كانت وقعة عظيمة، بين المعزّ بن باديس، وبين المصريين، قتل فيها من المغاربة نحو ثلاثين ألفاً.
وفيها توفي أبو علي الشاموخي المقرئ، الحسن بن علي، بالبصرة، وله جزء مشهور، روى فيه عن أحمد بن محمد بن العباس، صاحب أبي خليفة.
وعلي بن شجاع الشيباني المصقلي، أبو الحسن الأصبهاني الصوفي، توفي في ربيع الأول. روى عن الدَّارقطني وطبقته، وأسمع ولديه كثيراً.
وأوب القاسم الفارسي، عليّ بن محمد بن علي، مسند الديار المصرية، أكثر عن أبي أحمد بن الناصح، والذهلي، وابن رشيق توفي في شوال.
ومحمد بن عبد السلام بن سعدان، أبو عبد الله الدمشقي. روى عن جمح ابن القاسم، وأبي عمر بن فضالة، وجماعة. توفي في يوم عرفة، وعنده ستة أجزاء.
وأبو الحسن بن صخر الأزدي، القاضي محمد بن علي بن محمد البصري، بزبيد، في جمادى الآخرة، عن سنّ عالية، أملى مجالس كثيرة، عن أحمد بن جعفر السَّقطي، ويوسف النَّجيرمي، وخلق.

.سنة أربع وأربعين وأربعمئة:

فيها هاجت الفتنة ببغداد، واستعرت نيرانها، وأحرقت عدّة حوانيت، وكتب أهل الكرخ على أبواب مساجدهم: محمد وعلي خير البشر، وأذَّوا بحيّ على خير العمل، فاجتمع غوغاء السنّة، وحملوا حملة حربية على الرافضة، فهرب النظّارة، وازدحموا في درب ضيّق، فهلك ستّ وثلاثون امرأة، وستة رجال، وصبيان، وطرحت النيران في الكرخ، وأخذوا في تحصين الأبواب والقتال، والتقوا في سادس ذي الحجة، فجمع الطقطقي طائفة من الأعوان، وكنس نهر طابق من الكرخ، وقتل رجلين، ونصب رأسيهما على مسجد القلايين.
وفيها جرت حروب هائلة، بين الغزّ السلجوقية، وبين صاحب غزنة على الملك، وقتل عدد كير من الفريقين قتله جاهلية.
وفيها جهّز الملك الرحيم الديلمي، عسكراً لحرب أخيه، واقتتلوا في السفن أياماً.
وفيها عمل محضر كبير ببغداد، يتضمن القدح في نسب بني عبيد، الخارجين بالمغرب ومصر، وأن أصلهم من اليهود، وأنهم كاذبون في انتسابهم إلى جعفر بن محمد الصادق رحمه الله، فكتب فيه خلق من الأشراف والشِّيعة والسنّة وأولي الخبرة.
وفيها انتشرت جيوش الغزّ، وعاثوا ونهبوا ببلاد الجبل.
وفيها قدم عسكر الغزّ، فأغاروا على أطراف العراق، وقتلوا وسبوا وفتكوا.
وفيها بعث الملك الرحيم، وزيره والبساسيري فحاصر أخاه بالبصرة، وجرت لهما أمور طويلة، ثم هرب إلى طغرلبك، فأكرمه وزوّجه بابنته.
وفيها توفي أبو غانم الكراعي، أحمد بن علي بن الحسين المروزي.
روى عن أبي العباس عبد الملك بن الحسين النضري، صاحب الحرث بن أبي أسامة، وكان مسند خراسان في وقته، وآخر من روى عنه حفيده.
وأبو علي بن المذهب، راوية لأحمد، وهو الحسن ابن علي بن التميمي البغدادي الواعظ. قال الخطيب: كان سماعه للمسند من القطيعي صحيحاً، إلا في أجزاء، فإنه ألحق اسمه فيها، وعاش تسعاً وثمانين سنة.
قلت: توفي في تاسع عشري ربيع الآخر. قال ابن نقطة: لو بين الخطيب في أي مسند هي، لأتى بالفائدة.
ورشأ بن نظيف بن ما شاء الله، أبو الحسن الدمشقي المقرئ المحدّث، قرأ بدمشق ومصر وبغداد بالروايات. وروى عن أبي مسلم الكاتب. وعبد الوهاب الكلابي وطبقتهما. قال الكتّاني: توفي في المحرم، وكان ثقةً مأموناً، وانتهت إليه الرئاسة في قراءة ابن عامر.
وأبو القاسم الأزجي المحدِّث، عبد العزيز بن علي الخياط. روى عن ابن عبيد العسكري، وعلي بن لؤلؤ وطبقتهما فأكثر، توفي في شعبان، وله ثمان وثمانون سنة، وكان صاحب حديث وسنة.
وأبو نصر السجزي الحافظ، عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي البكري، نزيل مصر. توفي بمكة في المحرم، وكان متقناً مكثراً بصيراً بالحديث والسنّة، واسع الرحلة، رحل بعد الأربعمئة، فسمع بخراسان والعراق والحجاز ومصر، وروى عن الحاكم، وأبي أحمد الفرضي وطبقتهما. قال الحافظ ابن طاهر: سألت الحبّال عن الصوري والسجزي، أيّهما أحفظ؟ فقال: السجري أحفظ من خمسين مثل الصوري، ثم ذكر حكاية في زهده.
وأبو عمرو الدَّاني، عثمان بن سعيد القرطبي بن الصيرفي، الحافظ المقرئ، أحد الأعلام، صاحب المصنفات الكثيرة المتقنة، توفي بدانية، في شوال، وله ثلاث وسبعون سنة. قال: ابتدأت بطلب العلم، سنة ست وثمانين وثلاثمئة، ورحلت إلى المشرق، سنة سبع وتسعين، فكتبت بالقيروان ومصر.
قلت: سمع من أبي مسلم الكاتب، وبمكة من أحمد بن فراس، وبالمغرب من أبي الحسن القابسي، وقرأ القراءات على عبد العزيز بن جعفر الفارسي، وخلف ابن خاقان، وظاهر بن غلبون وجماعة.
قال ابن بشكوال: كان أحد الأئمة في علم القرآن، رواياته وتفسيره ومعانيه وطرقه وإعرابه، وله معرفة بالحديث وطرقه ورجاله، وكان جيّد الضبط، من أهل الحفظ والذكاء والتفنن، ديّناً ورعاً سنّياً. وقال غيره: كان مجاب الدعوة، مالكّي المذهب.
وناصر بن الحسين، أبو الفتح القرضي العمري المروزي الشافعي، مفتي أهل مرو، تفقه على أبي بكر القفّال، وأبي الطّيب الصعلوكي، وروى عن أبي سعيد عبد الله بن محمد الرازي، صاحب ابن الضريس، وعبد الرحمن بن أبي شريح، وعليه تفقه البيهقي، وكان فقيراً متعففاً متواضعاً.

.سنة خمس وأربعين وأربعمئة:

فيها انجفل الناس ببغداد، ووصلت السلجوقية إلى حلوان، يريدون العراق.
وفيها توفي تاج الأئمة، مقرئ الديار المصرية، أبو العباس أحمد بن علي ابن هاشم المصري، قر أ على عمر بن عراك، وأبي عديّ، وجماعة. ثم رحل وقرأ على أبي الحسن الحمامي. توفي في شوال، في عشر السبعين.
وأبو إسحاق البرمكي، إبراهيم بن عمر البغدادي الحنبلي. روى عن القطيعي، وابن ماسي، وطائفة. قال الخطيب: كان صدوقاً ديّناً فقيهاً، على مذهب أحمد، وله حلقة للفتوى، توفي يوم التروية، وله أربع وثمانون سنة.
قلت تفقه على ابن بطة، وابن حامد.
وأبو سعيد السمَّان، إسماعيل بن علي الرازي الحافظ، سمع بالعراق ومكة ومصر والشام، وروى عن المخلّص وطبقته. قال الكتّاني: كان من الحفاظ الكبار، زاهداً عابداً يذهب إلى الاعتزال.
قلت: كان متبحراً في العلوم، وهو القائل: من لم يكتب الحديث، لم يتغرغر بحلاوة الإسلام، وله تصانيف كثيرة، يقال إنه سمع من ثلاثة آلاف شيخ، وكان رأساً في القراءات والحديث والفقه، بصيراً بمذهبي أبي حنيفة والشافعي، لكنه من رؤوس المعتزلة، وكان يقال أنه ما رأى مثل نفسه.
وأبو طاهر محمد بن أحمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم الكاتب، مسند أصبهان، وراوية أبي الشيخ، توفي في ربيع الآخر، وهو في عشر التسعين، وكان ثقة، صاحب رحلة إلى أبي الفضل الزهري، وطبقته.
وأبو عبد الله العلوي، محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن الكةفي، م سند الكوفة، في ربيع الأول، روى عن البكائي وطائفة.